القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة في ظاهرة الهجرة في المجتمع الصحراوي : لماذا يهاجر الشباب الصحراوي؟


لا يشكل الشباب الصحراوي استثناء في ظاهرة الهجرة التى تمثل حلم السواد الأعظم من شباب القارة السمراء والعالم الثالث لكن الاختلاف يكمل في أن هذه الظاهرة امتدت في المجتمع الصحراوي لتشمل فئات عمرية مختلفة (المراهقين،شباب وكبار السن) وتميزت بإنتشارها الواسع بين الشباب من الجنسين الذكور والإناث ولا نبالغ إن قلنا أن من أصل 8 صحراويين 7 يحلمون بالهجرة، فما هي أسباب ارتفاع معدلات الهجرة مؤخرا وماهي انعكاساتها على المجتمع الصحراوي.؟

تبقى الإشكاليات الكبرى التى تؤرق الباحث في هذه الظاهرة هي: ماهي ردة فعل الدولة والحركة؟ وما هو سبب غياب هذه الظاهرة المجتمعية عن البرامج والخطط الوطنية -البرنامج الوطني المنبثقة عن المؤتمر 16 - ؟ ولماذا لا تنتشر في أوساط أبناء الرعيل الاول والثاني؟ وهل تملك الدولة القدرة على إيجاد حلول لهذه الظاهرة؟ وهل توجد حركة تحرر في العالم لا تخشى على وجودها واستمراريتها؟  ولماذا لم ننجح بعد في خلق تواصل بين أجيال الثورة؟.

أسباب هجرة الشباب الصحراوي:

يمكن أن تتعدد أسباب الهجرة غير أنها في العموم تعود لهذه الاسباب الآتية:

السبب الاقتصادي:

أفرزت مرحلة اللجوء الطويلة واقعا اقتصاديا صعبا يتسم بمحدودية فرص العمل وأن وجدت فهي غير قادر على تلبية الاحتياجات الشخصية والعائلية المتزايدة لعموم الشعب وللشباب بالخصوص في ظل سوق فوضوي يعج بالكماليات أسعاره لا تتوقف عن معانقة السماء وعقلية استهلاك مفرطة للأسرة الصحراوية وهنا لا يمكننا أن نحمل دولة في المنفى تفتقر إلى موارد الذاتية السبب في ذلك، لكن هذا لا يعفيها من تحمل مسؤولياتها تجاه شبابها والبحث عن حلول ممكنة لهذه المعضلة انطلاقا من الامكانيات الموجودة.

السبب السياسي:

تشكل سياسة التهميش والاقصاء الممنهجة والذكية التى اعترضت العديد من الشباب الصحراوي الراغب في ولوج الحياة العامة سبب أخرى لايقل أهمية عن الأسباب الاقتصادية _سالفة الذكر_ فالرعيل الاول والثاني مازالا يحتكران المشهد السياسي احتكار مطلقا وما التضحية بالمنظمات الجماهيرية في المؤتمر الاخير إلا دليل ساطع على مكانة الشباب في نظر الدولة والحركة.

السبب الاجتماعي: 

رغم أن المجتمع الصحراوي يبدو مجتمعا تقليديا محافظا إلا أنه لا يخلو من النظرة المادية المتوحشة و المفرطة في تقيم الإنسان والأشياء وما علو شأن تجار المخدرات والتهريب وأصحاب رؤوس الأموال إلا دليل على طغيان العقلية البراغماتية في المجتمع، فالأسرة الصحراوية الحديثة كسرت سلم القيم الاجتماعية واختارت أن تقف بجوار الأمير مكيافيلي وأن تترك ايمانويل كانط ينتظر خلف العتبة.

الانعكاسات المحتملة لهجرة الشباب الصحراوي.

الانعكاسات الايجابية:

_الحصول على فرص عمل جيدة قادرة على تمكين الشباب الصحراوي من تحقيق أهدافه وأحلامه الشخصية والعائلية.
_القيام بدور مهم في تعزيز مقومات الصمود وتغطية العجز المسجل في السلة الغذائية الإنسانية للدولة.
_تساهم عائدات العمالة الصحراوية بالخارج في انعاش السوق المحلي وخلق ديناميكية اقتصادية وايجاد فرص عمل.
_تشكل فرص لتكوين الجيد في العديد من مجالات العمل تعود على الشباب اولا وعلى الدولة فالمدى البعيد ثانيا.
_تعلب دورا مهما في نشر القضية فكل شاب أو شابة يعمل في شركة أو مؤسسة يعتبر بمثابة سفير لقضيته ولشعبه.
_ الانفتاح على ثقافات وانساق وتجارب اجتماعية مختلفة عن بيئة القبيلة ضيقة الأفق في المجتمع الصحراوي.

الانعكاسات السلبية:

_ إفراغ المؤسسات الوطنية من الطاقة الشابة والحيوية مما قد ينعكس بالسلب على الأداء الخدماتية للدولة وفي المدى المتوسط يؤدي إلى شيخوخة الدولة والحركة.
_ احتكار السلطة في الرعيل الاول والثاني وتهميش الفئات الشابة يشكل خطر على استمرار رسالة الشعب الصحراوي في الكفاح والنضال على المدى المتوسط والبعيد.
_ انهيار قيمة التعليم والدراسة على المدى البعيد فغالبية المهاجرين الصحراويين هم من خريجي الجامعات والمعاهد العليا وجدوا أنفسهم بعد التخرج في نفق مسدود ومظلم لولا الهجرة.
_ تشكل الهجرة خطرا قاتلا على الهوية الثقافية الصحراوية خاصة بالنسبة للمراهقين من الشباب الصحراوي لأن بقية الفئات تملك شئ من الحصانة والقدرة على المقاومة.

كشفت قناة الجزيرة القطرية في مقال نشرته على موقعها، أن عائدات المغاربة في الخارج المنتشرين في 100 دولة حول العالم قدرت في 2022 ب10,8 مليار دولار وهي مايعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي كما تلعب الدبلوماسية الشعبية للمغاربة دورا بارزا في محاولة شرعنة الاحتلال المغربي للصحراء الغربية.

الحلول الممكنة لهذه الظاهرة:

السبب الاقتصادي:

لا تملك الدولة القدرة المالية والاقتصادية لخلق فرص عمل مريحة قادرة على إقناع الشباب بالعدول عن الهجرة لكن هذا لا يمنعها من إيجاد بدائل في إطار ماهو متاح من إمكانية والبحث عن داعمين جدد خاصة للعاملين في القطاع العام أو أصحاب الاستفادة وكذا مراجعة السياسة الفاشلة والغير مجدية للمنظمات الاجنبية في إطار المشاريع أو المنح المقدمة للشباب.
السبب السياسي:

على الرعيل الاول أن يتجاوز عقلية الحركة ذات الجيل الواحد وان يتخلى عن عقيدة الشك والريبة تجاه الشباب الصحراوي  وأن يفتح باب التواصل الجيلي بعيدا عن الانتقائية لبعض الشباب المُدجن وتقويض الشباب الذي يسعى إلى مشاركة حقيقية بعيدا عن الاتباعي الفكري والاصطفاف بين زيد أو عمر.

على الدولة والحركة أيضا أن تتحرك كغيرها من بلدان العالم وتعزز من حضورها داخل الجالية الصحراوية بعيدا عن مايسمى التأطير السياسي الفضفاض والغير واقعي لكن من خلال فتح قنوات اتصال جادة والعمل على المرافقة الإدارية للمغترب خاصة تسهيل وثائق السفر المعقدة من جوازات سفر و تأشيرات حتى يشعر أن وراءه تنظيم ودولة لأن هولاء الشباب والشابات ولدوا في بيئة ثورية و رضعوا أفكارها من ثدي أمهاتهم وترعرعوا على مبادئها بالمدارس والمؤسسات الوطنية فهم مؤطرون ثوريا بالفطرة.
السبب الاجتماعي:
الدولة أيضا مطالبة بمحاربة ثقافة الاستهلاك المتوحش و المفرط داخل المجتمع من خلال التضييق على الكماليات من البضائع والسلع والتحسيس بأهمية الاقتصاد كواجب ديني واجتماعي وأخلاقي لأن تفاقم هذه الثقافة يضر بصورة التنظيم ويؤدي إلى مزيد من الاقتطاعات في المساعدات الإنسانية التى تستفيد منها شرائح هشة بالمجتمع كما تدفع الشباب إلى السقوط في فخ الجريمة المنظمة لتلبية الاحتياجات الفردية والعائلية.
في الاخير، أرى ،شخصيا، أن الهجرة الاقتصادية ظاهرة صحية وإيجابية للفرد والمجتمع وللوطن على المدى البعيد لكن الهجرة السياسية تشكل خطرا وجوديا قد لا يبدو واضحا اليوم لكنه يهدد استمرارية الدولة والحركة ويوسع الهوة الجيلية بين النظام والشباب الصحراوي.
بقلم الاستاذ : علالي محمود

إذا أعجبك محتوى الوكالة نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الاخبار السريع ليصلك الجديد أولاً بأول ...

نموذج الاتصال

Nome

Email *

Messaggio *